الفصل الثّاني
طريقة بولس في الدّعوة بينهم
1 أمّا أنا، يا إخواني وأخَواتي، فَلَم تَكُن فَلسَفةُ أهلِ الدُّنيا أُسلوبي عِندَما أقبَلتُ إلَيكُم أوَّلَ مَرّةٍ أكشِفُ لَكُم عَن سِرِّ اللهِ المُبينِ، 2 بَل عَزَمتُ، وأنا بَينَكُم، ألاّ أُناديَ بِشَيءٍ إلاّ بِسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ وتَضحيَتِهِ عَلى الصَّليبِ. 3 فَلَمّا وَقَفتُ بَينَكُم شَعَرتُ بِالضَّعفِ، وخِفتُ أن أفشَلَ في تَبليغِ الرِّسالةِ إلَيكُم، 4 فَلَمّا خاطَبتُكُم ودَعَوتُكُم، رَأيتُ ألاّ أسحَرَ عُقولَكُم بِالحُجَجِ والحِكمةِ، بَل بَلَّغتُكُم الرِّسالةَ مؤَيَّدةً بِقُدرةِ رُوحِ اللهِ، 5 حَتّى يَستَنِدَ إيمانُكُم عَلى قُوّةِ اللهِ، لا عَلى حِكمةِ البَشَرِ.
6 ومَعَ ذَلِكَ، فَإنَّ الحِكمةَ هيَ أُسلوبُنا مَع الرّاشِدينَ في إيمانِهِم. وهيَ لَيسَت حِكمةً دُنيَويّةً، ولا هيَ صادِرةٌ عَن قادةِ الدُّنيا وحُكّامِها الماضينَ إلى زَوالٍ. 7 ولَكِنَّنا نُعلِنُ حِكمةَ اللهِ المَكنونةَ، تِلكَ الَّتي كانَت خَفيّةً عَن النّاسِ فيما مَضى، فَشاءَ اللهُ أن يَكشِفَها لَنا. وقَد جَعَلَها اللهُ لَنا ذُخرًا مِن قَبلِ خَلقِ الكَونِ إكرامًا لَنا. 8 ولَم يَفهَمها أحَدٌ مِن أشرافِ هَذِهِ الدُّنيا، فَلَو فَهِموها ما كانوا ليَصلِبوا سَيِّدَنا عيسى صاحِبَ الجَلالةِ.* يشير بولس هنا إلى زعماء الدين مثل كبار الأحبار (انظر لوقا 24: 20)، وإلى الحُكَّام السياسيين مثل بيلاطس وأنتيباس بن هيرودس (انظر سيرة الحواريين 4: 27 وما يليه) الذين كانوا متورّطين جميعًا في صلب السيد المسيح. 9 فَنَتَكَلَّمُ بِما أخبَرَنا بِهِ النَّبيُّ أشعَيا: “ما لَم تَرَهُ عَينٌ ولا سَمِعَت بِهِ أُذُنٌ ولا خَطَرَ عَلى قَلبِ بَشَرٍ، جَعَلَهُ اللهُ ذُخرًا لِأحبابِهِ”.† من كتاب النبي أشعيا، 64: 4. 10 ولَكِنّ اللهَ كَشَفَ لَنا هَذِهِ الأُمورَ كُلَّها بِرُوحِهِ، إنّ رُوحَ اللهِ تَنفُذُ إلى كُلِّ شَيءٍ، حَتّى خَفايا أسرارِ اللهِ.
11 أفَلا تُبصِرونَ؟ فَإنَّ رُوحَ الإنسانِ فيهِ تعلمُ ما يُظهرُهُ وما يُبطِنُهُ، كَذَلِكَ لا أحدَ يَعلَمُ أُمورَ اللهِ إلاّ رُوحُ اللهِ. 12 ولَقَد وَهَبَنا اللهُ رُوحَهُ، لِهَذا السَّبَبِ نَحنُ لا نُفَكِّرُ كَما يُفَكِّرُ أهلُ الدُّنيا، ولِهَذا السَّبَبِ أيضًا نَستَطيعُ إدراكَ ما أنعَمَ بِهِ اللهُ عَلَينا مِن بَرَكاتٍ. 13 فَنُخبِرُ عَنهُ بِكَلامٍ نابعٍ مِن رُوحِ اللهِ فينا، لا بِحِكمةِ النّاسِ. وذَلِكَ لِنُفَسِّرَ ما يَصدُرُ عَن رُوحِ اللهِ لِلمؤمِنينَ الَّذينَ يَقتَدونَ بِرُوحِهِ تَعالى. 14 أمّا الَّذينَ يَتَشَبَّثونَ بِالدُّنيا، فأنّى لَهُم أن يَقبَلوا ما يَصدُرُ عَن رُوحِ اللهِ؟ لِأنَّهُم يَرَونَ ذَلِكَ غَباءً، وهُم عاجِزونَ عَن فَهمِهِ، فَلا سَبيلَ لَدَيهِم إلاّ بِحُلولِ رُوحِ اللهِ المَجيدِ فيهِم، فَيُدرِكونَ قيمَتَهُ وفَضلَهُ. 15 إنَّ المُقتَدينَ بِرُوحِ اللهِ يُدرِكونَ كُلَّ الرُّوحانيّاتِ، وأمّا الآخَرونَ فَيَعجِزونَ عَن إدراكِ شأنِهِم، 16 كَما أخبَرَ النَّبيُّ أشعَيا في الكِتابِ: “مَن ذا الَّذي يُدرِكُ فِكرَ اللهِ؟ مَن ذا الَّذي يَقدِرُ أن يُرشِدَهُ السَّبيلَ القَويمَ؟”‡ من كتاب النبي أشعيا، 40: 13. أمّا نَحنُ فَنُدرِكُ كُلَّ هَذِهِ الأُمورِ، لِأنَّنا نَعتَصِمُ بِفِكرِ سَيِّدِنا عيسى المَسيحِ.
*الفصل الثّاني:8 يشير بولس هنا إلى زعماء الدين مثل كبار الأحبار (انظر لوقا 24: 20)، وإلى الحُكَّام السياسيين مثل بيلاطس وأنتيباس بن هيرودس (انظر سيرة الحواريين 4: 27 وما يليه) الذين كانوا متورّطين جميعًا في صلب السيد المسيح.
†الفصل الثّاني:9 من كتاب النبي أشعيا، 64: 4.
‡الفصل الثّاني:16 من كتاب النبي أشعيا، 40: 13.